تطورت علامة النجمة الثلاثية عبر السنوات، ومعها تطور شكل الشبك الأمامي بتطور الدور الذي يؤديه. سنمضي اليوم برحلة مُختصرة نتعرف فيها على التغييرات التي شهدها شكل الشبك الأمامي في سيارات مرسيدس-بنز منذ العام 1900 وحتى الآن.
يعود تاريخ شركة مرسيدس بنز للعام 1886، ولكن كان العام 1900 المرة الأولى التي قام فيها فيلهلم مايباخ بتركيب مبرد على مرسيدس 35 PS، التي رأينا مؤخرًا اختبارية رائعة تُكرِّمها. كان تلك الإضافة حل استمر حتى اليوم ومكّن من إنتاج مركبات أقوى وأكثر موثوقية أيضًا. ونظرًا لوجود المبرد في مقدمة ووسط السيارة، فقد أصبح له تأثير فوري على صورة العلامة التجارية بالمُجمل.
هكذا عَمَدَت شركات السيارات الأخرى على استخدام المبرد لذات الغاية وتفرَّدت كل منها بتصميم خاص، أما اليوم فتنتقل صناعة السيارات للكهربة، وبما يُلغي الحاجة لشبك تهوية تقليدية كبيرة. فقدت شبكة التبريد وظيفتها الأساسية وتحولت إلى إرث تاريخي يُدمَج في التصميم ويحتوي تقنيات حديثة.
لمحة مختصرة
قبل العام 1900، كان تبريد المحرك أحد أكبر التحديات، فهناك حاجة إلى نظام تبريد فعال قادر على العمل في دائرة مغلقة. تمثّل أحد الحلول الأولى بالمبرد الأنبوبي الذي اخترعه مايباخ في عام 1897. وكان يتألف من خزان مياه ضيق مع أنابيب مفتوحة النهاية تمتد من الأمام إلى الخلف، يتدفق من خلالها الهواء أثناء تحرك السيارة. وكانت المروحة التي يقودها العمود المرفقي “الكرنك” تعني أن نظام التبريد سيستمر في العمل حتى عندما تكون السيارة متوقفة.
أما الاختراع المُهم فكان عام 1900، حيث أتى مايباخ بمبرِّد تألف من أكثر من 8000 أنبوب صغير مع مقطع عرضي مربع يبلغ حوالي ستة مليمترات لكل جانب. وفّرت هذه المساحة الأمامية الأكبر وتدفق الهواء الأعلى كفاءة أكبر بالتبريد، خصوصًا مع وجود مروحة خلف المِشعاع تنظم درجة الحرارة عند السير ببُطئ. لذا، احتاج محرك 35 PS إلى تسعة لترات فقط من الماء بدلاً من 18 لترًا السابقة.

استمر الأمر كذلك مع بعض التحسينات إلى أن طرأ التغير الثاني المُهم، ففي عام 1931 ومع وصول مرسيدس بنز 170 (Typ W 15). تم تركيب المشعاع خلف شبكة حماية خاص، فصار الموضوع أقرب للتصميم، ولكن مع وظيفة تتمثل بحماية المشعاع من الحجارة المتطايرة التي قد تُتلفه.








وهكذا، أخذت شبكة التهوية بالتطور تدريجيًا، وبعد الستينيات زاد عرضها وتقلص ارتفاعها. وكانت هناك طبعًا استثناءات بين الحين والآخر، فأتت SLK و SLR McLaren مثلًا بـ “أنف الفورمولا 1″، وشهدنا مؤخرًا اعتماد مرسيدس بنز تصاميم مُختلفة تتناسب وتوجهات الطراز، لكن دون إهمال الطابع العام الذي يجمع كل التصاميم. فهناك مثلًا اختلافات بين شبكة جي-كلاس وشبكة اس-كلاس؛ الأولى بزعانف أفقية ونجم مركزي كبير، والثانية ناعمة الخطوط، تتناسب وانحناء المقدمة وشكل المصابيح.
ثم هناك تصميم شبكة التهوية في طرازات AMG مع زعانفها العمودية، والمُستوحاة من سيارة السباق 300 SL التي فازت بسباق بان أميريكانا Panamericana في المكسيك عام 1952. فأصبح هذا التصميم يحمل تسمية “بان أميريكانا”. أما تصميم شبك طرازات مرسيدس-مايباخ فيحاكي بدلة مقلمة فاخرة، مع عديد من الخطوط العمودية الناعمة.


أين نحن الآن؟
يستمر التطور، وتتحول الشركات للكهربة. وبما أن الحاجة لفتحات التهوية أصبحت أقل، يتمتع الآن المصممون بحرية رسم هذه الفتحات في مكان أخفض من السابق، الأمر الذي يُشكِّل فرصة لإنشاء تصاميم جديدة ومميزة لطرازات Mercedes-EQ.
تأتي مرسيدس الآن بلوحة بلاستيكية سوداء تتوسط المصابيح، وبها رسوم تتوافق مع توجه الطراز كما سابقًا؛ هناك رسم لعلامة مرسيدس في المُنتصف، وخطوط كرومية عرضية لبعض الطرازات، وعمودية “بان أميريكانا” لأخرى. وكل ذلك أسفل شريط ضوئي يربط المصباحين.
تؤدي هذه اللوحة أيضًا دورًا تقنيًا، فخلفها تتواجد مجموعة من المجسّات الضرورية لأنظمة السلامة ومساعدة السائق / أو القيادة الذاتية مستقبلًا، مثل الموجات فوق الصوتية والكاميرات والرادار والليدار (قياس المسافات بالليزر). وهذا نهج نراه لدى عديد من الشركات، كانت بولستار من أوائلها.
